بسم الله الرحمن الرحيم
احذر أن تكون فريسة !!
الإنسان بصفة عامة والمسلم بصفة خاصة محاط بالأعداء الذين يتحينون الفرص السانحة للنيل منه
وافتراسه , وهؤلاء العداء كثر وهجماتهم تتوالى من كل الجهات وتآمرهم دائم في كل الأوقات
فمن أولئك الأعداء العدو الأزلي لابن آدم , إنه إبليس - لعنه الله – ذلك العدو الحاقد الذي أصّل عداوته
لآدم وذريته منذ خلق الله آدم عليه السلام وتوعد أن يحتنك ذريته بمعنى يستولي عليهم ويضلهم
يقول الله تعالى على لسان إبليس { قال أرأيتك هذا الذي كرمت عليّ لئن أخرتن إلى يوم القيامة
لأحتنكن ذريته إلا قليلا } , وقد أتبع إبليس القول بالعمل وما زال بآدم وزوجه حتى أخرجهما من الجنة
وهو لا يزال بذريته يغويهم ويضلهم حتى يوردهم النار , فمن تبعه وقع فريسة له , ومن صده وأعرض
عنه فقد نجا من براثينه , وليس بالصعب الخلاص من مكايد الشيطان لأنه لا سلطان له على الإنسان
يقول الله تعالى { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا } , فمن توكل على الله فهو
في مأمن من الشيطان ومن أسلم نفسه للشيطان فقد وقع فريسة سهلة له { إن كيد الشيطان كان ضعيفا }
ومن الأعداء المتربصين بالإنسان النفس الأمارة بالسوء فهي تحاول أن تسيطر على عقل الإنسان وقلبه
حتى تشبع رغباتها الشهوانية ونزواتها الحيوانية وميولها إلى السوء والضلال , وهي من أشد الأعداء
فتكا بالإنسان لأنها من نفسه وتكوينه وملازمة له , ولكن بفضل الله أوجد من يردعها ويكبح جماح
سطوتها , إنها النفس اللوامة تلك النفس التي توقظ الإنسان وتنبهه من غفلته فهي بمثابة خط دفاع لصد
هجمات النفس الأمارة بالسوء , وهذا الخط الدفاعي يحتاج إلى دعم وتأييد من قبل الإنسان , فالإنسان
إن تهاون في تأييده ومال إلى سطوة النفس الأمارة بالسوء فقد جنا على نفسه وأسلمها فريسة سهلة
لسوء نفسه , وأما من أيد نفسه اللوامة ونصرها على نفسه الأمارة بالسوء فقد حصن نفسه من شرور
نفسه وسيكون بذلك قادرا على ترويض نفسه الأمارة بالسوء وإخضاعها وتهذيبها ليكسوها الاطمئنان
وترتقي من وضع الدنو إلى وضع العلو وتكون نفسا مطمئنة التي تعود إلى ربها راضية مرضية .
وممن يتربص بك أيها المسلم ويود افتراسك وتمزيق فكرك وتدمير مجتمعك فكر الضلالة فكر
التدمير والإرهاب , وتكمن خطورة هذا العدو أنه يتستر بلباس الإسلام وهو عن الإسلام بعيد
هذا الفكر التدميري يهدف إلى سلطة سياسية بحته فهو يطمع بالسيطرة والهيمنة وشل إرادة فكر
الإنسان وإغفال عقله وإخضاعه لمقاصده ومخططاته , فهو يجند جنوده من الشباب حديثي السن
ويغذي أفكارهم بأكاذيب ويزيف لهم الحقائق ويغريهم بالأموال والوعود الواهمة حتى يكونوا بإمرته
وتحت سيطرته , وهذا العدو يصطاد طرائده من الشباب صغار السن فيسيطر عليهم سيطرة تامة
تمكنه من تسييرهم كآلات صماء لخدمة مخططاتهم الإرهابية القمعية وترويع الآمنين وسفك دماء
المسلمين ويصنفون عملهم الإجرامي جهادا في سبيل الله , فهل المجاهد في سبيل الله يستبح دماء
المسلمين ؟ إن ذلك هو الضلال المبين , فإن كانوا مسلمين كما يزعمون ألا يعلمون أن دم المسلم
حرام وماله حرام وعرضه حرام كحرمة يوم عرفة وحرمة بيت الله الحرام فكيف لمسلم يستبح دم
مسلم , عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع :{ إن
دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا }, فاحذر أخي المسلم
أن يضللوك فتكون بين مخالبهم فريسة سهلة عاجزا عن مقاومة أنياب أفكارهم ومخالب مطامعهم .
وممن يتربص الدوائر بالمسلم الأفكار التغريبية , الفكر العلماني والفكر الليبرالي وهما فكران لمسار
واحد وهدف متحد وهو فصل الدين عن السياسة والمجتمع , وهذا العدو الشرس الذي توسع توسعا
كبيرا في دول الغرب وآسيا وكثير من الدول العربية ولم يجد له عائقا إلا الدين الإسلامي الذي اصطدم
بمنهجه المتين وشرعه الحكيم , فكاد له العداء ورسم له المخططات لينقض على فكر المسلم ويفترسه
لتخلو له الساحة يعيث فيها فسادا , ويكمن خطر هذا العدو أنه ينفث سمومه إلى العقول بدعوى التمدن
والتطور وتمجيد العقل البشري , وأنه ذو قدرات تمكنه من صياغة منهجية الكون وفق مداركه , وهو
يرى أن التشريعات الدينية نمط قديم لا يتوافق مع تطورات العصر , فلذلك دعا الإنسان للتحرر مما
يعتقده قيود تشريعية المتمثلة في نصوصه , إن هذا الفكر ذو مآرب خطيرة فمما يرمي له شل الحركة
الدعوية حتى أنه يسمي الدعاة إلى الله رجال الدين , وهذا يعني في مفهومهم أن الدين ذو خصوصية
لفئة معينة دون باقي الناس , فهو يرفض أن الدين للناس كافة والدعوة إليه عامة , فلا خير في حياة
بلا دين فالغرض الأساسي من خلق الله للخلق هو العبادة , يقول الله تعالى : { وما خلقت الإنس والجن
إلا ليعبدون } , وعبادة الله بامتثال دينه والتقيد بأمره ونهيه وهذا ما تمثله النصوص الشرعية في الكتاب
والسنة , فاحذر أخي المسلم أن تغتر بتنميق حديثهم وزيف قولهم وانحراف فكرهم فهم ينصبون لك
الشراك لتقع فيها وتكون أحد ضحاياهم وتقع بين مخالبهم فتكون فريسة لهم يلتهمونك فكريا وروحيا
أيها المسلم أنت مستهدف لكثير من الأعداء جميعهم يودون الانقضاض عليك وافتراسك , أتعلم لماذا ؟
لأنك الوحيد الباقي على الحق ولأنك الوحيد السائر على الطريق المستقيم وهذا يخالف أفكارهم ورغباتهم
فصيروك عدوا لهم , إن عداوتهم مكمنها الحقد والحسد فقد عجزوا أن يطالوا علوك وسموك ويئسوا
أن يطفئوا نورك فعمدوا إلى المكايد والحيل والخداع والتغرير ليتمكنوا منك وينهشوك نهشا .
أيها المسلم لا تركن لأعدائك , وتحصن بحصنك الحصين الذي وإن تكالبت عليك كل تلك الوحوش
الضارية ما مست منك ظفر وما زعزعتك قيد أنملة , إنه الحبل المتين والنور المبين كتاب الله وسنة
نبيه محمد صلى الله عليه وسلم , فمن تمسك بهما فلن يكون فريسة لكائن من كان
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
بقلم / أبو ياسر الحكمي