Hamada الادارة العامة
عدد المساهمات : 191 تاريخ الميلاد : 14/11/1980 تاريخ التسجيل : 26/10/2010 العمر : 44 الموقع : المغرب
| موضوع: تطور مفهوم المرفق العام الأربعاء 15 ديسمبر 2010 - 7:11 | |
| تطور مفهوم المرفق العام
مقدمة
إن الدولة بمفهومها القديم والحديث ما هي إلا منتوج للفكر الإنساني غايته إحلال النظام محل الفوضى وتحقيق المنفعة العامة أو الصالح العام للمنتمين إلى جغرافيتها , ولكن هذه الغايات لايمكن إحقاقها إلا بوجود تنظيم إداري ومؤسسات وهياكل إدارية . ومن نافلة القول أن حاجيات الأفراد والمجتمعات تطورت بمرور الزمن فتطور معه مفهوم الدولة وانتقلت هذه الأخيرة من مجرد جهاز مركزي همه الأول هو المال والسلاح إلى دولة ذات نظريات في لتسيير والتوجيه لكل ماله علاقة بالفرد والمجتمع . وهكذا كان ظهور مفهوم المرفق العام , مصاحبا لتطور الدولة وتعدد حاجيات المجتمع , وإذا كان مفهوم المرفق العام ابتدأ بشكل واضح في علاقته بالدولة والمجتمع فإنه انتهى إلى مفهوم عير محدد وعير دقيق , ذالك أن تغير الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي نشأ المرفق في ظلها وتنظم في البداية على أساسها جعلته في غمق الإشكاليات التي تثار حول قدرته على التغيير لمواجهة الحاجات المتجددة والمتغيرة وإشباع الحاجات العامة التي أنشئ من أجلها .
الفصل الأول : تطور المرفق العام
سنحاول في هذا الفصل معالجة التطور التاريخي لنشاط المرفق العام وتطوره النظري مركزين في مبحث أول على التطور التاريخي بالمغرب من خلال ثلاث فترات تاريخية مهمة في حياة الدولة المغربية ثم في مبحث ثان التطور النظري للمرفق العام محاولين استعراض بعض التعريفات الفقهية و القضائية وما عرفته من تطور .
المبحث الأول: التطور التاريخي لقد تنوع نشاط الدولة وتعددت وظائفها عبر التاريخ إلا أنها كانت دائما تسعى وراء إشباع الحاجات العامة التي كانت في اتساع دائم مما واكبه اتساع في مجالات تدخل الدولة ونشاطاتها. ولقد كانت وظائف الدولة قديما تتمثل أساسا في التنظيم المالي والعسكري إلا أن تطور الفكر الغربي الحديث ونظرته لمفهوم الدولة جعل لها وظائف أخرى فقادها من دولة دركية إلى أخرى متدخلة . وبمعزل عن الضفة الغربية للبحر الأبيض المتوسط لم يكن المغرب في منأى عن أشكال التنظيم الإداري للدولة إلا أنها لم تكن تتعدى مفهوم الإدارة المخزنية بصفة عامة ومع فترة الحماية عملت فرنسا على نقل نموذجها الإداري إلى المغرب وهو النموذج الذي حافظ عليه المغرب وطوره حسب خصوصياته.
المطلب الآول : ما قبل الحماية
قبيل إقرار نظام الحماية لا يمكن توقع العثور على بنيات إدارية متطورة خاصة في المجال الاقتصادي وكان هذا شأن الإدارة المخزنية بصفة عامة حيث كانت تتسم بطابع البدائية والتخلف مقارنة مع إدارات دول الضفة الغربية للبحر المتوسط آنذاك. وبالرغم من تفاقم حجم التدخلات الاقتصادية للمخزن المغربي في بعض الفترات إلا أن هذه التدخلات سوف لن تترك أي تأثير على التنظيم الإداري المخزني وهذا راجع لعدة أسباب أهمها يكمن في نوعية التدخل وفي عدم استمراريته حيث كانت تتسم التدخلات الاقتصادية المخزنية بطابع متناثر تحكمه دوافع وسياسات ظرفية ترمي إلى بعض الضائقات الحالية التي مر بها المخزن ابتداء من منتصف القرن الماضي ولوحظ من طرف المهتمين بمغرب تلك الفترة غياب واضح لبعض الوزارات وسيما في ميادين مثل المالية ,الاقتصاد والفلاحة علما بأن هذه الأخيرة كانت تمثل الركيزة الأساسية إن لم نقل الوحيدة لاقتصاد البلاد . إلا أن غياب هذا النوع من الوزارات وبالتالي غياب البنيات الإدارية المرتبطة بهذه الأنشطة على الصعيد المركزي يجب التعامل معه حسب مزاج وعقلية المخزن آنذاك . ولا يجب النظر إليه كتعبير على انعدام تام لهذه الأنشطة فعياب المخزن في ميدان ما لايعني حتما عدم وجود نشاط جماعي في ذالك الميدان . كون أن المخزن لم يكن يحتكر كل الأنشطة التي تدخل ضمن دائرة الأنشطة العامة . بل كانت هناك أبدال مؤسساتية تملآ الفراغ الإداري المركزي , سواء بصفة تلقائية , سواء بأمر من المخزن أو باتفاق معه . ويمكن القول أن هذه الظاهرة كانت عامة , وملاحظة وجودها في الميدان الاقتصادي لاتعتبر إستثناء , كونها تتماشى والنسق الإداري المخزني لتلك الفترة . في هذا السياق نعثر على تنظيم إداري موازي لإدارة المخزن وهو تنظيم يتسم إلى حد بعيد بطابع الاستقلالية الذي يمكن التماسه في عدة مؤسسات كالحنط والآحباس والزوايا . ومن عادة وتقاليد المخزن عدم التدخل في المجالات التي يملآها هذا النوع من المؤسسات . وهذا أمر يفسر إلى حد ما غيابه في بعض الميادين الاجتماعية والاقتصادية كما يفسر في نفس الوقت انتشار العمل بتنظيمات إدارية محلية شبه مستقلة في المجال الاقتصادي . فالسماح لهذه التنظيمات أو قبولها عندما تفرض نفسها يجيب بما فيه الكفاية غلى التساؤل الوارد بخصوص انحصار الإدارة الاقتصادية المخزنية على وزارة المالية مركزيا وعلى وظيفة الحسبة محليا . لقد كان للزوايا والآحباس والحناطي دورا في الحياة الاقتصادية والاجتماعية لمغرب ما قبل الحماية إلى جانب المخزن وإنه من الضروري مراجعة بعض التصورات بخصوص نوعية موضع المخزن في النظام الاجتماعي والاقتصادي الذي كان يسود المغرب قبل إقرار نظام الحماية ولعل إغفال الجانب القانوني ودوره في تفسير هذه العلاقة من بين العوامل التي كان لها انعكاس سلبي على جل الدراسات المتأثرة بالمفارقة التي تدعو إليها أطروحة بلاد المجون – بلاد السيبة .
المطلب الثاني : ما بعد الحماية
مع فرض الحماية الفرنسية على المغرب ثم نقل النموذج الإداري الفرنسي إلى المغرب وهو النموذج الطي حافظ عليه المغرب وطوره حسب خصوصياته . فبالإضافة إلى المحافظة على المرافق التقليدية المغربية قامت فرنسا بإحداث مرافق جديدة للقيام بمهام ووظائف جديدة خصوصا بالنسبة للمرافق التي لها دور هام في الإقلاع بالتنمية الاقتصادية كالمكتب الشريف للبريد والتلغراف . وفي المرحلة الأولى للاستقلال حاولت الدولة لاسترجاع بعض المرافق التي تكتسي طابعا سياسيا والتي ترتبط بالسيادة الوطنية منها بنك الدولة للمغرب وعرفت هذه المرحلة إدارة بعض المرافق بأسلوب المؤسسة العامة وفي مرحلة لاحقة أخذت بأسلوب إدارة المرافق العامة عن طريق شركات الاقتصاد المختلط كوسيلة لتكوين طبقة من المقاولين الخواص وفي العقدين الآخيرين حدث نوع من التراجع في إحداث المرافق المدارة بأسلوب المؤسسات العامة ويفسر هذا التراجع بالاتجاه الرامي إلى تشجيع القطاع الخاص خصوصا وقد اتضح من الأبحاث والدراسات إلى أن التدخل العمومي قد أفرز مضاعفات سلبية كانت السبب في ظهور سياسة الخوصصة
المبحث الثاني: التطور النظري احتكر مفهوم المرفق العام بدون منازع اهتمام الفقه بجميع توجهاته واحتل بذلك المكانة المركزية في القانون الإداري. و يردد الكل أن الفضل يرجع لاجتهاد حكم بلا نكو في ميلاد مفهوم المرفق العام إلا أن لا احد بل ولو احد يذكر أن ما وصفه قاضي التنازع الفرنسي بالمرفق العام هو إدارة التبغ آنذاك فالأمر كان يتعلق بمصنع التبغ الذي لا يمكن حسب القاضي آنذاك أن تخضع مسؤولية مستخدميه لمبادئ القانون المدني لان الأمر كان يتعلق بمرفق عام مصنع التبغ الذي يمارس نشاطا صناعيا وتجاريا وبالرغم من انه كان يستثمر مباشرة من طرف إدارة الدولة، بمعنى انه كان يسير في إطار الوكالة، فهو اعتبر كمرفق عام من طرف القاضي. لقد أدى حكم بلا نكو إلى حدوث التباس لدى البعض في أنه كان وراء وجود المرفق العام إلا أن الواقع أن المرفق العام هو أقدم من تاريخ إصدار هذا الحكم. فما هو المفهوم الكلاسيكي للمرفق العام وما هو مفهومه الحديث؟.
المطلب الأول: المفهوم الكلاسيكي للمرفق العام
يعتمد هذا المفهوم على أسس منها السوسيولوجية المتمثلة في البنية الرأسمالية التي تهدف إلى الهيمنة على الحياة الاقتصادية ومصادر الطاقة ووسائل استغلالها. وأسس قانونية جعلت البورجوازية المتكونة تستند على مبدأ المساواة وجعلت منه دعامة لتقليص دور المرفق العمومي وتحديد نطاقه. وتشبثت بمبدأ التوفيق بين المصلحتين العامة والخاصة، كما أن تمسكها باحترام الحريات الصناعية والتجارية جعلت البرلمان هو السلطة المختصة وحدها بإنشاء وإلغاء المرافق العامة، هذه الأخيرة لتي تعتبر أكبر مهدد لهذه الحريات. فالمدرسة التقليدية قامت على أساس فكرة ضيقة تكتفي بجعل نطاق نشاط الدولة لا يتعدى المجال الذي تعمل فيه المرافق العامة، في حين أن نشاط الإدارة يمكن أن يتعدى ذلك إلى تنظيم نشاط الخواص كما أن فكرة المرفق العام لم تعد بالضرورة تستدعي تطبيق القانون الإداري، ففي كثير من الحالات يتم اللجوء فيها إلى قواعد القانون الخاص حينما يتعلق الأمر بمعاملات الخواص فيما بينهم. خلا نهاية القرن 19 وبداية القرن العشرين انكب الفقهاء على صياغة نظرية واضحة للمرفق العمومي، ومن أبرز هؤلاء الفقهاء دوجي الذي اهتم بدراسة التحولات الحاصلة في الدولة فتوصل إلى أن الدولة بالنسبة إليه هي مجموعة من المرافق العامة. أما الفقيه جيز فقد جعل من المرفق العمومي حجر الزاوية لتطبيق القانون الإداري، فتوصل هاذين الفقيهين إلى صياغة نظرية حقيقية للمرفق العمومي تتلخص في كون: - كل نشاط إداري هو مرفق عمومي. - كل مرفق عمومي ينبغي أن يخضع لنظام قانوني متميز هو القانون الإداري وتكون منازعاته من اختصاص القضاء الإداري. ويتميز مفهوم المرفق العمومي التقليدي بوجود مضمونين أحدهما مادي والآخر عضوي، فالمعنى العضوي يطلق على الهيئة التي تمارس النشاط ذا النفع العام. أما المعيار المادي، فيطلق على النشاط أو العمل الذي يمارسه المرفق تحقيقا للمصلحة العامة. وهناك جانب من الفقه عمل على الجمع بين المفهومين معا، واعتبر المرافق العمومية مؤسسات تعمل بانتظام وباضطراد تحت إشراف ومراقبة الدولة بهدف أداء خدمة عامة للمواطنين مع خضوعها لنظام قانوني معين.
المطلب الثاني: المفهوم الحديث للمرفق العمومي
إن الغموض الذي يكتنف المرفق العام غي إطار المفهوم التقليدي هو الذي أدى إلى حدوث ما يسمى بأزمة المرفق العام وظهور المفهوم الحديث للمرفق العمومي. ومن الانتقادات الموجهة للمفهوم التقليدي والتي على أساسها قام المفهوم الحديث: * تفكك المعنى المادي عن العضوي وعدم تطابقهما، بحيث هناك بعض النشاطات الخاصة من الممكن أن تحقق مصلحة عامة أهم بكثير من تلك تقدمها الإدارة، فإخضاع نشاط فردي للقواعد الدقيقة والصارمة يسح له بتحقيق نفس النتائج التي من الممكن أن يحققها المرفق العمومي. وبهذا نلاحظ أن تحقيق المصلحة العامة يجعل الإدارة أمام اختيارين وذلك إما أن تتدخل الدولة مباشرة بواسطة المرفق العمومي، أو تكتفي بوضع مجموعة من الضوابط وتترك المبادرة الفردية تتدخل لإحقاقها من مثل المخابز. * المصلحة العامة: مفهوم المصلحة العامة أصبح مفهوما مطاطا وهو يعني جميع الأنشطة التي لها انعكاس على حياة المجتمع، وبهذا أصبح الأفراد يطالبون بإشباع حاجات عامة لم يكونوا في السابق يطالبون بها من مثل النقل والكهرباء والتعليم... الخ. *هل من الضروري أن يبقى المرفق العمومي خاضعا للسلطة الإدارية التي أنشأته؟ إن تسيير المرفق العمومي بواسطة أحد الأشخاص العمومية يشكل المبدأ العام، فإنه توجد عدة حالات يمكن أن توكل إدارة المرفق لأحد الخواص، وهي وضعية أصبحت أكثر انتشارا واتساعا بسبب تزايد مجالات تدخل الدولة، وتكون هذه المهمة ناتجة عن القانون حيث يكلف المشرع منظمة خاصة لأجل تنفيذ مهام لها صلة بالمصلحة العامة كما حصل بالنسبة لمرفق الضمان الاجتماعي الذي أوكلت إدارته لبعض الصناديق التي هي عبارة عن منظمات خاصة. * فكرة المرفق العامة ليست معيارا كافيا لتطبيق القانون الإداري، فتسيير المرفق لا يتطلب دائما اللجوء إلى استعمال وسائل القانون الإداري، لأنه يحق للسلطة الإدارية أن تتراجع أثناء إدارتها عن وسائل القانون العام وتستخدم وسائل القانون الخاص. ونستنتج من مختلف الانتقادات الموجهة للمفهوم التقليدي للمرفق العمومي، على أنها شاملة لجميع العناصر التي يقوم عليها، فالأمر يستدعي التخلي عنه والبحث عن مفهوم جديد يأخذ بعين الاعتبار كل المآخذ السابقة. المبحث الثالث: أنواع المرافق العامة استقر الفقه و القضاء على تقسيم أنواع المرافق العامة إلى أنواع متعددة استنادا إلى اعتبارات مختلفة.وذلك من خلال طبيعة نشاطها أو من خلال النطاق الترابي لنشاطها أو استنادا إلى تمتعها بالشخصية المعنوية و أخيرا حسب مدى حرية السلطة العامة في إنشائها.
المطلب الأول: حسب طبيعة النشاط
تنقسم المرافق العامة حسب طبيعة نشاطها إلى مرافق إدارية(الفرع الأول) ومرافق تجارية و صناعية (الفرع الثاني) ومرافق مهنية واجتماعية(الفرع الثالث).
الفرع الأول: المرافق الإدارية
هي مجموعة المرافق التي تدخل في مجال المهام و الأنشطة الإدارية للدولة كمرفق التعليم الصحة و الأمن ,حيث تتولى هذه المرافق نشاطا إداريا يعجز الأفراد و الهيئات عن مباشرته ولا يجوز التنازل عن هذه المرافق للغير لأنها من صميم العمل الإداري ,و تقوم الدولة بالإشراف المباشر على هذه المرافق ويعتبر العاملون في هذه المرافق موظفون عموميون ينطبق عليهم القانون المنظم للوظيفة العمومية ظهير24 فبراير1958 كما تعتبر أموال هذه المرافق أموالا عمومية تخضع للمحاسبة العمومية .1 وتخضع هذه المرافق مبدئيا لأحكام القانون العام و لوسائله و ما يترتب عن ذلك من مسؤولية إدارية للدولة و اختصاص القضاء الإداري للنظر في المنازعات التي تنشأ أثناء ممارسة نشاط هذه المرافق .إلا انه يمكن لهذه المرافق تطبيق قواعد القانون الخاص في بعض الاستثناءات أثناء ممارسة بعض الأنشطة كإبرام العقود العادية إلى انه يبقى امرمحدود .
الفرع الثاني: المرافق التجارية و الصناعية(الاقتصادية)
وهي تلك المرافق التي تتخذ موضوعا لها نشاطا تجاريا او صناعيا مماثلا لنشاط الإفراد .وتخضع لأحكام القانون العام والقانون الخاص معا وظهرت هذه المرافق بعد التسليم بمبدأ تدخل الدولة في المجال الاقتصادي و سقوط فكرة اعتبار الدولة سلطة ضابطة أو الدولة الدركي والدولة الشرطي 2. ولقد اتجه الفقه الإداري الحديث فيما يخص هذه الازدواجية في خضوعها للقانون العام و الخاص إلى تحرير المرافق الاقتصادية من مقتضيات القانون العام و وسائله لا سيما المتبعة في تسيير المرافق الإدارية و التي لاتتطابق مع المرافق الاقتصادية لكونها تتسم بالبطء و الإجراءات المعقدة مما لايساعد المرافق الاقتصادية في القيام بوظيفتها . و تبقى هذه الازدواجية و هذا النظام القانون المختلط للمرافق الصناعية و التجارية هو نتيجة حتمية لازدواجية مضمون مفهوم المرفق العام التجاري و صناعي ففكرة المرفق العام تتطلب تطبيق القانون العام على المستوى التنظيمي و الصبغة التجارية و الصناعية تستوجب القانون الخاص على مستوى التسيير. الفرع الثالث المرافق المهنية و الاجتماعية • المرافق العامة المهنية وهي تلك المرافق التي يكون موضوع نشاطها رقابة و توجيه النشاط المهني. ويعهد بإدارتها الى هيئات مهنية يخولها القانون بعض حقوق السلطة و امتيازاتها,ويتآلف أعضائها من الأفراد المشتغلين بالمهنة التي تنشا النقابة لرقابتها. و من ابرز أمثلة المرافق المهنية غرفة التجارة و الصناعة و الخدمات ,غرف الصناعة التقليدية ,الغرف الفلاحية ,وغرف الصيد البحري. و تنشـأ هذه المرافق عموما على أسس يمكن ابرز أهمها في : - يكون انضمام أبناء المهنة إلى هذه النقابات إجباريا بخلاف ما هو عليه في النقابات العمالية التي يكون الانضمام إليها اختياريا. - تكون مهمة النقابة مزدوجة ,فهي تمثل المهنة لدى الدولة وغيرها من الهيئات العامة,كما إنها تقوم بالإشراف على النظام الداخلي للمهنة.و قد خولها القانون حق إصدار أوامر ملزمة لجميع المنتمين للمهنة,حتى تتمكن من أداء عملها.و هذه الأوامر قد تكون قواعد تنظيمية يلتزم الأعضاء بمراعاتها في تصرفاتهم.و قد تكون فردية خاصة بعضو معين.3 - تنظيم هذه المهن في شكل نقابي يكون الإشراف على الإدارة فيها من اختصاص أبناء المهنة. كما تجدر الإشارة إلى أن المرافق العامة المهنية تخضع إلى القانونين العام الخاص كل في حدود معينة. • المرافق الاجتماعية و هي تلك المرافق التي تتولى بنشاطها تقديم الضمانات والخدمات الاجتماعية للمنتفعين.وهذا النوع من المرافق حسب بعض فقهاء القانون الإداري ظهر بانتشار الفكر الاشتراكي و تطبيقاته ومن أمثلته الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وتقوم هذه المرافق بتقديم الخدمات الاجتماعية ,وهي تخضع أيضا للقانون العام بالنسبة للمبادئ الأساسية التي تحكم سيرها و تخضع للقانون الخاص أيضا لتشابه نشاطها مع نشاط الخواص .
المطلب الثاني حسب النطاق الترابي
تنقسم المرافق العامة حسب النطاق الترابي الى مرافق وطنية الفرع الاول و مرافق محلية الفرع الثاني
الفرع الأول: المرافق الوطنية
المرافق الوطنية هي التي تتسع دائرة نشاطها لتشمل مجموع التراب الوطني بصرف النظر عن إقليم أو عمالة معينة وتقدم خدماتها إلى اكبر عدد من الجمهور وغالبا ما تتولى إدارتها الدولة بنفسها عن الطريق السلطة المركزية بواسطة الوزارات وفروع الإدارة المركزية في الأقاليم.
الفرع الثاني المرافق المحلية
فهي المرافق التي ينحصر نشاطها في جزء معين من إقليم الدولة.فتقد خدماتها إلى سكان هذا الإقليم وتتولى الجماعة المحلية بنفسها عن طريق إدارتها المباشرة تقديم الخدمات كمشروعات النظافة التي تنشأ لخدمة إقليم معين أو مدينة معينة ,وتسمى أيضا بالمرافق الجهوية و المرافق الإقليمية و قد تمنح الجماعة المحلية في بعض الحالات أمر إدارة المرفق إلى هيئة عامة متمتعة بالاستقلال المالي و الإداري.
المطلب الثالث حسب سلطة الدولة في إنشائها
تنقسم المرافق العمومية من حيث سلطة الدولة في إنشائها إلى مرافق اختيارية(الفرع الأول) والى مرافق إجبارية (الفرع الثاني).
الفرع الأول المرافق الاختيارية.
و هي تلك المرافق التي تتمتع الدولة فيها بسلطة تقديرية في إنشائها بحيث لا يمكن أن يجبرها الأفراد على ذلك. فالدولة تبقى سيدة الموقف و فق ما تمليه الحاجة و الضرورة لاستحداث المرفق
الفرع الثاني: المرافق الإجبارية.
وتكون المرافق إجبارية متى صدر قانون يقضي بإنشاء مرفق من المرافق.وفي هذه الحالة تكون الدولة ملزمة بهذاالانشاء وحينئذ يسمى المرفق العام مرفقا. إجباريا حيث يجوز للإفراد في هذه الحالة أن يجعلوا من أنفسهم رقباء على الإدارة و ذلك بمطالبتها بإنشاء المرفق و في حالة الرفض لهم الحق في الطعن عن طريق التظلم القضائي .وإذا تعلق الأمر بمرفق عام محلي إجباري فيجوز لمن يهمهم الأمر إن يلجـأوا إلى سلطة الوصاية لإلزام المجلس المحلي المختص بإنشاء المرفق المحلي الذي ألزمه القانون . فإذا امتنعت الإدارة عن ممارسة سلطاتها الوصائية لسبب أو لأخر يجوز للأفراد اللجوء إلى القضاء لإلغاء قرار رفضها آو امتناعها . المطلب الرابع: حسب تمتع المرافق العامة بالشخصية المعنوية
تنقسم المرافق العامة من خلال هذا المعيار إلى مرافق تتمتع بالشخصية المعنوية و أخرى لا تتمتع بالشخصية المعنوية
الفرع الأول ذات الشخصية المعنوية
إن المشرع وحده هو الذي يمنح الشخصية المعنوية. وبنجد انطلاقا من هذا إن المشرع قام بمنح بعض المرافق هذه الشخصية وهي تلك المرافق التي تنفرد بشخصية قانونية متميزة فتتمتع بالاستقلال المالي و الإداري حتى يتسنى لها التخصص في مجال معين هذه المرافق إذا كانت لها ذاتية مستقلة فان ذلك الاستقلال ترد عليه بعض الاستثناءات فهو مقيد بعنصر التخصص و الرقابة الإدارية (يطلق على هذا النوع من المرافق المؤسسات العمومية).5
الفرع الثاني الغير المتمتعة بالشخصية المعنوية
أما المرافق الغير المتمتعة بالشخصية المعنوية وهي تلك المرافق التي لم تمنحها هذه الشخصية و احتفظت لنفسها بتسييرها و تدبيرها نظرا لخصوصيتها معتمدتا على أموالها و موظفيها.
المبحث الرابع : إشكالية المرفق العام
كان من الطبيعي وقد تنوع نشاط الدولة ،وازداد تدخلها في مختلف الأنشطة سعيا وراء إشباع الحاجات العامة ،أن تتنوع تبعا لذلك وسائل هذا النشاط المتمثل في المرافق العامة .وأن يستهدف هذا التنوع في المرافق العامة الاستجابة بشكل أكمل للأغراض العامة التي أنشئت من أجلها ،والحاجات العامة التي فرض عليها تأمينها وإشباعها ـ1ـ ،حيث أن الاجتهاد القضائي الفرنسي في قرار مجلس الدولة بتاريخ 8 يوليوز 1918 المتعلق بالنقابة الوطنية للسكك الحديدية ، عرف " النشاط ذو المصلحة العامة بالنشاط الضروري لإشباع الحاجيات العامة للمواطنين ،حيث أن المبادرة الخاصة لا تحقق إلا إشباع غير كامل ومنقطع ـ2ـ . مما ترتب على اختلاف أنواع المرافق العامة ،وعلى اختلاف الحاجات العامة التي تنهض بتأديتها هذه المرافق ،ظهور تساؤل حول مآل وإشكالية مفهوم المرفق العام ، من خلال مدى استمرارية المرفق العام وملاحقته للتطور المستمر ، من أجل تحقيق الأغراض التي من أجلها تم إعطاؤه صفة المرفق العام ،وحتى لا يتخلف عنها أو يعجز عن أن يتسع لها .
المطلب الأول :استمرارية المرفق العام
عندما يعترف لنشاط ما بصفة المرفق العام ،فإذا دل فإنما يدل على أن هذا النشاط يهدف إلى تحقيق مصلحة عامة ،وذلك سواء على المستوى الوطني أو المحلي ، ويجد مبدأ سير المرافق العامة بانتظام واطراد أصله في مبدأ وجوب استمرارية الدولة كما يجد أصله في الاهتمام الاجتماعي ـ3ـ . وبتالي فإن المرافق العامة العامة تقوم بخدمات أساسية لازمة للجمهور وللنظام العام ،فإذا توقف سيرها أو تعطلت ولو مؤقتا عن العمل ،نتجت عن ذلك أضرار ومضياقات عديدة للجمهور من ناحية ،وإخلال بالنظام العام من ناحية أخرى ،ولهذا كان من أهم واجبات السلطة العامة أن تعمل على ضمان سير المرفق العام بانتظام واستمرار ولهذا يلزم الموظفون الذين يعملون في خدمة المرافق بتحقيق هذا الغرض . ومبدأ دوام سير المرفق العامة يعتبر من المبادئ الأساسية التي لا يحتاج تقريرها لنص تشريعي خاص ، لأن طبيعة المرافق العامة تستلزم ضمان سيرها بانتظام واستمرار في خدمة المنفعة العامة ـ4ـ . وبالرغم من أن معظم التشريعات كانت لا تنص صراحة على هذا المبدأ ،ولكن القضاء قد أقره في أحكامه ،والمشرع في معظم الدول قد رتب عليه نتائج تفترض وجوده أهمها : أ)ـ تنظيم الإضراب : يقصد بالإضراب توقف الموظفين عن القيام بأعمالهم أو الامتناع عن أداء واجبات وظائفهم لمدة معينة وبصفة مؤقتة دون انصراف نيتهم إلى ترك وظائفهم نهائيا . ويعتبر الإضراب من أخطر ما يهدد قاعدة سير المرافق العامة بانتظام ،وتختلف الدول في شان الإضراب . ب)ـ تنظيم استقالة الموظف : الاستقالة هي إعلان عن رغبة الموظف ترك العمل بصفة نهائية ،وبإرادته الصريحة أو الضمنية . وتختلف الاستقالة عن الإضراب ، فالأخير غير مشروع ،بينما الاستقالة حق قانوني ،وإن لم يكن مطلقا بل ينظمه المشرع بما يحقق ضمان سير المرافق العامة .ومن تم يرد على الاستقالة قيدا هاما ،وهو أن لاتنتج أثرها ولاتصبح نافذة وسارية المفعول في إنهاء العلاقة الوظيفية إلا بعد قبولها من جهة الإدارة . والحكمة من ذلك ضمان سير المرفق العام بانتظام وحتى تستطيع الإدارة توفير البديل الذي يحل محل الموظف المستقيل . ج)ـ نظرية الموظف الفعلي : تطبق هذه النظرية ،عندما تصدر من موظف فعلي أو واقعي وهو ذلك الذي عين تعيينا معيبا أو لم يصدر بتعيينه قرار إطلاقا ـ5ـ . ____________________________________________________________________ [b]ـ1ـ د:محمد الأعرج " طرق تدبير المرافق العامة بالمغرب " منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية . ـ2ـ د:أحمد بوعشيق "المرافق العامة الكبرى" طبعة 2000 . ـ3ـ د:حسن حولات "المرافق العامة بالمغرب وهيمنة التحويل من القطاع العام إلى القطاع الخاص " . ـ4ـ د:مليكة صروخ "القانون الإداري دراسة مقارنة " . ـ5ـ د:مليكة صروخ مرجع سابق ____________________________________________________________________
والأصل العام يقضي ببطلان الأعمال والتصرفات الصادرة عن الموظف الفعلي لصدورها من غير مختص ،ولكن استثناءا من هذه القاعدة قرر القضاء سلامة تلك العمال في حالات معينة ،على أسس تختلف في الظروف العادية عن الظروف الاستثنائية إعمالا لمبدا دوام سير المرافق العامة بانتظام . واستنادا إلى نظرية فكرة الظاهر ،حماية للمواطن الذي تعامل معه بحسن نية .لأن الاستثناء شرع لمصلحة الجمهور ـ6ـ . د)ـ نظرية الظروف الطارئة : أن الأصل في القواعد المدنية ،أن العقد شريعة المتعاقدين ،ومن ثم لا يعفى المتعاقد مع الإدارة من التزاماته إلا في حالة القوة القاهرة ،وهي الحادث غير المتوقع الذي لايمكن دفعه والذي يجعل تنفيذ الإلتزام مستحيلا ،والمقصود بنظرية الظروف الطارئة ،وقوع ظروف أو حوادث أثناء تنفيذ العقد ،لم تكن متوقعة من الطرفين ، وقت ابرام العقد ،ويترتب عليها أن يصبح التزام المتعاقد مرهقا إرهاقا شديدا يخشى معه إذا استمرت هذه الظروف أن يعجز الملتزم زمانيا عن الاستمرار في إدارة المشروع واستغلاله مما قد يؤدي إلى تعطيل سير الرفق العام ،ولذا يجب على الإدارة المتعاقدة أن تتحمل الخسارة التي لحقت بالمتعاقد معها ،أي تعويضه تعويضا عادلا . وكان أول تطبيق لهذه النظرية في حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضية "كاز بوردو " ،والمتعلق بعقد امتياز بين بلدية مدينة بوردو وبين الشركة العامة لإنارة مدينة بوردو ،ثم بعد ذلك توسع القضاء الفرنسي في تطبيق هذه النظرية في قضايا أخرى مماثلة حتى أصبحت معالمها واضحة ـ7ـ . ه)ـ تحريم الحجز على أموال المرافق العامة : يجوز ـ وفقا للقواعد العامة ـ الحجز على أموال المدين الذي يمتنع عن الوفاء بديونه لبيعها وتسديد تلك الديون من حصيلتها ،إلا أنه لايمكن تطبيق تلك القاعدة على المرافق العامة ،لأن أموالها قد حصنت من الحجز عليها ضمانا لسير المرفق العام .
المطلب الثاني : العلاقة الجديدة بين المرفق العمومي والمنتفعين :
يشكل المنتفعون عنصرا أساسيا بالنسبة للمرفق العمومي ،فمن أجلهم خلق أصلا وإليهم تتوجه خدماته وجهوده ،إلا أن طبيعة المنتفع الذي كانت تتعامل معه المرافق العمومية ليست هي طبيعة المنتفع الجديد أو الحالي الذي تأثر بالتغييرات والتطورات السوسيواقتصادية التي عرفها المجتمع . ومن النتائج التي ترتبت عن هذا النوضع الجديد ،أنه أصبح ينظر إلى المرفق العمومي اليوم من خلال الخدمات التي يقدمها ونوع هذه الخدمات ومدى جودتها ،حتى أن المنتفع ـ في الغالب لم يعد يهمه أن تكون هذه الخدمات مقدمة من طرف صاحب امتياز أو من طرف مرفق عمومي بقد ما تهمه جودة هذه الخدمات وثمنها ، ويظل هاجسه هو الاستفادة من خدمات جيدة وبثمن أقل مما هو معمول به في القطاع الخاص ،ومن تم تغيرت طبيعة العلاقة بين الطرفين ،فعوض أن يخضع المواطنون للممارسات الإدارية للمرفق العام ،فإن هذه الأخيرة هي التي عليها أن تستجيب لحاجياتهم ،وبتالي لم يعد دور الدولة هو مجرد الإنتاج الكمي للأدوات والخدمات استجابة للحاجيات الكمية للمواطنين ،بل الاستجابة النوعية أيضا . ويمكن أن نقول أنه إضافة للمبادئ الساسية المعروفة التي يقوم عليها المرفق العمومي ،ظهرت بعض المبادئ الأخرى المستوحاة من الواقع اليومي للتعامل مع المرافق العمومية التي تكملها وترافقها ،مبادئ ليمكن حاليا للمرفق العمومي أن يستقيم أدائه بدون الأخذ بها .وهذا لا يعني إلغاء المبادئ الساسية التقليدية التي يقوم عليها المرفق العمومي من قبيل المساواة والحياد ،بل ليبقى هذا المرفق يمارس الوظائف النبيلة التي خلق من أجلها ،فإنه من الضروري أن ينفتح على التغيرات والتطورات التي تعرفها المجتمعات التي يعمل فيها ،وأن يتغير بالقدر اللازم ليستجيب بشكل أفضل للحاجيات كما وكيفا ،ومن هذه المبادئ الجديدة المستوحاة من الواقع اليومي لتعاملات المرافق العمومية ،هو ما أقره مجلس الدولة الفرنسي بوجود بعض المبادئ المؤخوذة من تعامل المرافق العمومية مع المواطنين ومنها : ـ المشاركة : هذا المبدأ الذي يشكل عنصرا أساسيا بعد ما أصبحت المجتمعات تتوجه إلى ديمقراطية المشاركة ،وهذا يفرض أن لا تبقى المرافق العمومية منغلقة على ذاتها ولا تعرف تفتحا تجاه المنتفعين ،لأن سياسة الانعزال هذه تؤدي إلى سلوكات وممارسات بيروقراطية . _____________________________________________ ـ7ـ د:مليكة صروخ "القانون الإداري دراسة مقارنة " . _____________________________________________
ـ البساطة وسهولة الولوج : والغرض منه هو فرض البساطة في تعامل المرافق العمومية مع المنتفعين وفتح أبوابها أمامهم بتبسيط طرق وشروط ولوجها . ـ الشفافية : حتى يستعيد المواطنين ثقتهم في المرافق العمومية ويتم إعادة الاعتبار لنبل هذا الأخير ،وذلك بالقضاء على الصور السلبية التي كونها عنه باعتباره بنية منغلقة . إن كل ما سبق يؤكد على أن العلاقة بين المنتفعين والمرافق العمومية ،لا يجب أن تكون علاقات إدارية سلطوية ولكن علاقات ترابطية ،ويجب ان تكون مبنية على فلسفة أخلاقية للعمل والمشاركة بشكل يجعل من المرافق العمومية هدفا للتدخل تجاه الأفراد باعتبارهم فاعلين في الحياة الاجتماعية ،ومن ثم فإن بنيات المرفق العمومي والروح التي يمارس بها يجب أن تتطور ـ 8 ـ
المطلب الثالث : الوظيفة التنموية للمرفق العام .
يحتل المرفق العام مكانة خاصة بين باقي المكونات المؤسساتية للدولة ،فهو من جهة يترجم التصريحات الحكومية والقرارات الكبرى من خلال عمله اليومي ،ويقدم خدمات مهمة تتوقف عليها حياة الناس سواء كانت ذات طبيعة إدارية ،اجتماعية ،أو اقتصادية . كما يمكن للمرافق العمومية أن تلعب دور المراقبة والتتبع والتقويم ،لحصيلة السياسات المتبعة في مجال من المجالات ،مما يحتم على صانع القرار ،مراجعة العديد من الخطط والمسارات وإعادة التفكير فيها ،وبتالي فأعمال المرفق العمومي يمكن أن تكون رافعة نحو تحقيق التقدم والازدهار المنشودين كما ان غيابها يمكن أن يتسبب في الفوضى والتخبط داخل البلد الواحد . إن الانفتاح على اقتصاد السوق وتبني خيارات وإصلاحات تتماشى مع توجهات المؤسسات المالية الدولية ،والتداعيات التي نجمت مع سياق العولمة ،اثر بشكل مباشر على مردودية المرفق العمومي وفاعليته وتنافسيته أمام القطاع الخاص وجودة خدماته أمام التوجه نحو تقليص النفقات العمومية الاجتماعية ،إن تعزيز المرفق العمومي بمبادرات إصلاحية كتخليق الإدارة ومحاربة كل أشكال التسيب فيها ،وإعادة النظر في وسائلها واستراتيجيتها ،وتحديثها ومدها بالإمكانات البشرية والوسائل المادية الازمة ،سيعزز الثقة لا محالة لدى المواطن الذي لديه انتظارات كبرى . اعتبارا للتحديات المشار إليها نوتعقد مشاكل التنمية ،فإن هذه الأخيرة اصبحت مرهونة بانتهاج استراتيجية شمولية لتعبئة كل الموارد من أجل تحقيق نمو مطرد يضمن الانسجام بين الانسان ومحيطه ،وتعم ثمراته كافة مكونات المجتمع ومختلف وحدات التراب الوطني وتقسيماته ، وعليه ينبغي التخلي عن المقاربة التقنية والتينقراطية لمعالجة القضايا التنموية ، مع أخذ مبادئ المرونة والتوجيه والتعاقد والتضامن بعين الاعتبار ،من اجل تصور يقوم على محاور مترابطة ومتصلة ومفتوحة التأثير المتبادل ،حيث تتجلى في التنمية الجهوية واللامركزية والشراكة ،إن التنمية المتواصلة للمرفق العمومي ،تضع الدولة والحكومة والمرافق العامة المعنية بها ،أمام تحديات النمو السكاني وتدبير الموارد ،وتفعيل وبناء التضامن الوطني وتأهيل الراسمال البشري ،مما تقتضي إعادة النظر في تصور التنمية ونمط تدبيرها ،وفي الممارسة التي ينبغي ان تكون قائمة على المسؤولية الجماعية للدولة والمرافق العامة والمجتمع المدني ،وهو ما يقتضي تكييف السياسات العمومية مع متطلبات التنمية . وعليه ينبغي للمحافظة على البعد التنموي للمرفق العام ،معالجة الاختلالات البنيوية والوظيفية التي يعاني منها المرفق ،وإخضاع سيرها وعمليات التدبير التي تقوم بها لمجموعة من المبادئ والقيم المؤطرة لنشاطها ،والعمل على تحسين علاقات المرفق العمومي بالمواطن ،وفي هذا السياق يجب تكييف المبادئ لما يستجد من تحولات وتطعيمها بالموجهات وتقييدها بالضوابط الإجابية من قبيل : ـ 9 ـ ـ الالتزام بدعم أخلاقيات المرافق العامة . ـ احترام الشرعية ومبادئ دولة الحق والقانون . ـ تعليل القرارات . ـ تنفيذ الأحكام الصادرة في مواجهة الإدارة . _____________________________________________________________________ 8 ـ يوم دراسي حول " المرفق العام في مواجهة التحديات الجديدة " منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية . ـ 9 ـ نفس المرجع أعلاه . _____________________________________________________________________
ـ تنفيذ الأحكام الصادرة في مواجهة الإدارة . ـ ضمان المساواة أمام المرفق العام . ـ استكمال المنظومة القانونية وتكييفها مع مبادئ التخليق وتفعيل الإقرار بالممتلكات . ـ ترشيد وعقلنة التدبير العمومي على مستوى قواعد المحاسبة . ـ دور الرقابة في التخليق بمختلف أشكالها المالية والقضائية . ـ الالتزام بالتواصل مع المحيط والتشاور والانفتاح .
وذلك من أجل ترسيخ ثقافة جديدة وإعطاء بعد تنموي للمرفق العام ،مما يعمل على تحقيق المفهوم الحقيقي للمرفق العام ،مع المثل العليا والغايات التي ينشدها المجتمع فيه . وبتالي يعتبر المرفق العام حلقة وصل مهمة لترجمة السياسات الحكومية وإرادة الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين على أرض الواقع ،كما ان للعمل المرفقي مزايا ومميزات في بعده التنموي ،حيث يرتهن به فاعلية الإدارة ،ومدى قدرتها على الاستجابة الفورية لتطلعات وحاجيات المواطنين الآنية .
خاتـــــمـــــة :
ظل مفهوم المرفق العام يشكل محورا أساسيا في القانون الإداري ،سواء تم النظر إليه من خلال العمل القضائي أو الفقهي ،فإن هناك من يرى بأن مفهوم المرفق العام تمثل أساس مختلف نظريات القانون الإداري . وبتالي فإن النظر إلى مفهوم المرفق العام كإشكالية عامة يتيح الوقوف على عدة ملاحظات من قبيل ،أن المرفق العام أصبح رهينة لتجاذبات صعبة تقف ورائها الأزمات القديمة والتحديات الجديدة على حد سواء ،وذلك بسبب اتساع مجال استعمالات المرفق العام واهتزاز الاختيارات الاقتصادية بدرجات معينة ، مع ما يرافق ذلك من تطورات عديدة ومتلاحقة مست بالوظائف والأنظمة القانونية ،ومجمل الإشكاليات التعريفية لمفهوم المرفق العام . وفي إطار القانون المقارن يبدوا بان تجربة المرفق العام في دول العالم الثالث ،تحتمل نفس الحديث عن نفس الأزمة ، فالفسفة القانونية والفقهية التي نهضت عليها المبادئ القائمة التقليدية لمرفق العام ،أصبحت تعرف في هذه البلدان نوفي نفس القطاع ،نفس التآكل المضطرد الذي يسببه الاكتساح القوي لمرجعية السوق . إن ما يمكن استنتاجه مما سبق ،هو تسجيل حدوث تحول عميق على المفهوم التقليدي للمرفق العام ،بحيث لم يعد هذا الخير يرسي خصوصياته ـ كنظام قانوني وأنماط تدبيرية ـ على مقولة المصلحة العامة التي اصبحت عبارة عن مفهوم عام وفضفاض ،يستخدم بطريقة اعتباطية من أجل أن يصلح لأي شئ ،وكذلك حدوث اندفاع قوي باتجاه ثقافة تسييرية تكون قائمة على معايير جديدة ،من قبيل النجاعة والتقويم إلى درجة تطوير المؤشرات والمبادئ القانونية التقليدية للمرفق العام .
| |
|